أخنوش: التوازن المالي يعود رغم ضغط المشاريع الاجتماعية

رغم التكاليف المالية الباهظة المرتبطة بإطلاق المشاريع الاجتماعية والإصلاحات الكبرى، أكد رئيس الحكومة عزيز أخنوش أن حكومته التزمت منذ انطلاق ولايتها بضبط المالية الع…

ABDELLAH
المؤلف ABDELLAH
أخنوش

رغم التكاليف المالية الباهظة المرتبطة بإطلاق المشاريع الاجتماعية والإصلاحات الكبرى، أكد رئيس الحكومة عزيز أخنوش أن حكومته التزمت منذ انطلاق ولايتها بضبط المالية العمومية، واستعادة توازنها، وخلق هوامش مالية ضرورية، كل ذلك ضمن رؤية يقودها جلالة الملك.

وفي مداخلته خلال جلسة الأسئلة الشهرية التي خصصت لموضوع "الحصيلة الاقتصادية والمالية وأثرها على دينامية الاستثمار والتشغيل"، أوضح رئيس الحكومة أن الإجراءات الإصلاحية التي تم تنفيذها أسهمت في تحسين مؤشرات الاقتصاد والمجتمع والمالية.

إصلاحات جبائية وزيادة في العائدات

خلال كلمته، ركز أخنوش على أهمية إصلاح النظام الضريبي باعتباره ركيزة لتحقيق العدالة الجبائية واستدامة مالية الدولة، مشيرًا إلى أن الإصلاح تم وفق القانون الإطار رقم 69.19 وعلى مدى خمس سنوات.

وذكر أن هذه الخطوات أدت إلى ارتفاع العائدات الجبائية من 199 مليار درهم سنة 2020 إلى 300 مليار درهم سنة 2024، أي بزيادة قدرها 100 مليار درهم، وبمتوسط سنوي يتجاوز 11%، دون أن يُسجَّل أي ارتفاع في العبء الضريبي.

وشمل الإصلاح الضريبي تعديل الضريبة على الشركات في قانون مالية 2023 لتوحيد المعدلات تدريجياً خلال أربع سنوات، بينما تم الشروع في إصلاح الضريبة على القيمة المضافة ضمن قانون مالية 2024، ليُحصر تطبيقها في معدلَين 20% و10% بحلول عام 2026. كما أُدرج إصلاح الضريبة على الدخل ضمن قانون مالية 2025 تماشياً مع اتفاق أبريل 2024 في إطار الحوار الاجتماعي لتحسين الأجور.

التأمين الصحي: توسع في التغطية

في الجانب الاجتماعي، أعلن رئيس الحكومة أن نسبة المستفيدين من التأمين الإجباري الأساسي عن المرض ارتفعت من 42.2% إلى 88%. وأوضح أن أكثر من 4 ملايين أسرة (ما يزيد عن 11.4 مليون مواطن) أصبحت مشمولة بهذا النظام حتى نهاية يونيو 2025، خاصة الفئات غير القادرة على دفع مساهمات الاشتراك.

وأكد أن هذه الأسر أصبحت تستفيد من خدمات العلاج المجاني في المستشفيات العمومية، إضافة إلى خدمات الضمان الاجتماعي عند التوجه للقطاع الخاص. وتم رصد حوالي 9.5 مليارات درهم سنويًا لضمان استدامة هذا النظام.

ورغم الضغط المستمر الناتج عن الالتزامات الاجتماعية السنوية، شدد رئيس الحكومة على أن الوضعية المالية العمومية تسير في الاتجاه الصحيح، مما يوفر هوامش مالية حيوية لاستمرارية المشاريع.

دفعة قوية للاستثمار العمومي

ومن أجل تحفيز الاقتصاد، أشار أخنوش إلى أن ميزانية الاستثمار العمومي ارتفعت من 230 مليار درهم في 2021 إلى 340 مليار درهم في 2025، ما يعكس مجهودًا كبيرًا لتسريع وتيرة النمو الاقتصادي.

وذكر أن هذه الدينامية الاستثمارية شملت إطلاق مشاريع استراتيجية كبرى واستقطاب استثمارات خاصة ذات قيمة مضافة عالية، ما يساهم في تطوير القطاعات الحيوية.

كما أبرز أن الميثاق الجديد للاستثمار منح دفعة قوية لجاذبية المغرب، سواء للاستثمارات الوطنية أو الأجنبية، من خلال تقديم تحفيزات تشمل منحة لخلق مناصب الشغل الدائمة، وأخرى مجالية لمعالجة الفوارق الترابية، وثالثة للأنشطة الاستراتيجية الداعمة للنمو.

إرث اقتصادي واجتماعي معقد

لم يغفل أخنوش الإشارة إلى التحديات التي ورثتها الحكومة مع بداية ولايتها، مؤكدًا أن الوضع الاقتصادي قبل 2021 كان صعبًا نتيجة تراكمات سابقة وأثر جائحة كوفيد-19.

وسرد تفاصيل المرحلة قائلاً إن الاقتصاد انكمش بنسبة 7.2% سنة 2020، مع خسارة 432 ألف وظيفة، وارتفاع عجز الميزانية إلى 7.1%، وزيادة المديونية إلى أكثر من 72% من الناتج الداخلي الإجمالي.

ولمواجهة آثار الأزمة، لجأت الدولة إلى تفعيل خط الوقاية والسيولة في حدود 3 مليارات دولار، كما فقد المغرب درجته الاستثمارية في التصنيف الائتماني خلال عام 2021.

وفي السياق ذاته، ذكر رئيس الحكومة أن معدل التضخم ارتفع إلى 6.6% سنة 2022، و6.1% في 2023، وبلغ ذروته في فبراير بنسبة 10.1%. وأضاف أن السنوات المتتالية من الجفاف أثّرت على الإنتاج الفلاحي، ما تسبب في فقدان 215 ألف وظيفة سنة 2022 و202 ألف وظيفة أخرى في 2023، خصوصًا بقطاع الفلاحة والغابات والصيد البحري.

وأكد أن كل هذه التحديات الاجتماعية تعقّدت في ظل غياب الحوار الاجتماعي لسنوات قبل أن تُطلق الحكومة دينامية جديدة في هذا المجال.

إصلاحات عميقة في الصحة والتعليم

في ختام مداخلته، أبرز أخنوش أن الحكومة شرعت في إصلاح شامل للقطاع الصحي، حيث ارتفعت ميزانيته من 19.7 مليار درهم في 2021 إلى 32.6 مليار درهم في 2025، أي بزيادة 65%.

وأشار إلى أن تنفيذ خارطة طريق إصلاح التعليم 2022-2026 يحظى بدعم مالي كبير، إذ تم تخصيص أكثر من 85 مليار درهم سنة 2025، مع برمجة 9.5 مليارات إضافية سنويًا حتى 2027.

وفي موازاة ذلك، تحدث رئيس الحكومة عن تفعيل الميثاق الوطني للحوار الاجتماعي، وما رافقه من زيادات في الأجور شملت 4.25 ملايين مواطن، بينهم 1.25 مليون موظف في القطاع العام و3 ملايين عامل في القطاع الخاص، بميزانية إجمالية تفوق 45 مليار درهم في أفق 2026.

وخلص أخنوش إلى أن ما تحقق من إنجازات على المستوى الاقتصادي والاجتماعي والمالي يشكل امتدادًا للمسار التنموي والتحديثي الذي يقوده الملك محمد السادس، مؤكداً أن هدف الحكومة هو بناء اقتصاد حديث يجمع بين الكفاءة الاقتصادية والعدالة الاجتماعية في إطار مشروع مجتمعي مستدام.

تعليقات

عدد التعليقات : 0